دَمغَةُ شَفَتيكِ ..بقلم : الشَّاعر القدير إحسان الخوري

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دَمغَةُ شَفَتيكِ ..
بقلم : الشَّاعر إحسان الخوري

أيَّتُها الحَامِلةُ لَونَ الأمْسِ ..
ورائِحةُ أشجارِ الدَّلبِ ..
المُطِلَّةِ على عَبقِ الصَّنَوبرِ ..
عديدُ السَّنَواتِ لا تكفي ذاكِرَتي ...
أتَذكَّرُ ...
شَعرَكِ الغَجَريَّ مثلَ لَيلِ الشِّتاءِ 
ربَّما كانَ مِن سُلالةِ جِنِّيةِ المَشْرِقِ ..
ويُحاوِلُ التَّحليقَ كَطائِرِ الخُرافاتِ ..
أَمشاطُهُ السَّوداءُ قد طالها الإرهاقُ ..
حزينٌ كَمَوعِدٍ لمْ يأتي ..
وكَجانٍ تَفَلَّتَ مِن جَسدِ النِّساءِ ...
أتَذكَّرُ ..
مَشاويرَ ذِراعيَّ على كَتِفَيكِ ..
مَذبَحةَ كلِّ خَطايا عَينَيكِ ..
أنفاسَكِ المُذورِقاتِ بالعَنبَرِ ..
وعَبقَ مَساماتِ جَسَدِكِ الثَّمِلِ ...
فأُطلِقُ زَفَراتي ..
أجمَعُ زَادي وأُطعِمُ الغَيمَ ..
أَركَبُ قارِبَ لَيلِ الشَّاطئِ المُهاجِرِ
أُخبِرُ الشَّوقَ حتَّى يُلاقيني ..
ثمَّ ألوذُ طويلا ً وأنتَظِرُ ...
حبيبَتي ...
ماذا لو طَوَيْتُ رائِحَتَكِ ..!
خَبَّئْتُها في مَنارَةِ السُّفُنِ ..
مَنَعتُ القَراصِنَةَ من الاقتِرابِ ..
وجَلَستُ أَرقَبُ عَودَتَكِ ...
هل أنتظِرُ قُبُلاتََكِ في قارورةٍ ..
تَحمِلها المَوجاتُ المُتَهالِكةُ ..
وكُتِبَ عليها شَفَتيَّ هما العُنوانُ ...
ماذا لو كانَ لونُها على أحمَرَ ..!
هل سَتَكونُ من دَمغَةِ شَفَتَيكِ ..!!
ماذا لو لمْ تُرسِلي في القَارورةِ قُبلاتَكِ 
وقرَّرتِ أن تأتي مع نَوارِسِ الفَجْرِ ..
لِكَي تَطبَعيها أنتِ بشَفَتيكِ ..!!!
حبيبَتي ...
لماذا طَفَقَ فُؤادي يَتَبخَّرُ ..!
وسَرَّبَ فَصلَينِ مِن حَكايا العِشْقِ ..
هل تاهَ من رِحلَتِهِ الأُولى ..؟!
هل رأى عِفريتاً يتجوَّلُ خلفَ الحُلُمِ
أمْ سَمِعَ بُكاءَ شفتيَّ على حبَّةِ التُّوتِ
وتَكسُّرَ كَمشَةِ الشَّوقِ على نهدَيكِ ...
حبيبَتي ...
سأعتَصِرُ انتظاري مِن سَرابِ غِيابكِ
أُسَرِّبُهُ في رَسَائِلِ العَرَّافاتِ ..
أغْسِلُ المَسافةَ إلى شَفتَيكِ ..
وأُسيِّرُ إليهما قافِلةً من القُبُلاتِ ..
لِتُعَشعِشَ ..
تَحبَلَ..
وَتَلِدَ ليسَ قُبلةً بلْ المِئاتِ ...
حبيبَتي ...
أسرابُ القُبلاتِ بدأتْ تَلوحُ ..
لهيبُ وصاياها راحَ يَتَدفَّقُ ..
هيَ أَتَتْ في سَكرَةِ الطَّواحينِ ..
تُزهِقُ الذُّهولَ بِمَكرِ النَّبيذِ ..
لِتَحُطَّ على هَفهَفاتِ شَفَتيكِ ..
تَمُصُ الرَّحيقَ ..
تَدسُّ فيهِما أسراري ..
ثمَّ تَفُكُّ قُيودَ نَهدَيكِ المَرصودَةِ ..
قُيودَ أسرارِ الشَّهدِ ..
تَسجُدُ عندَ المِحرَابِ ..
تَستَشعِرُ كلَّ الاحِتمالاتِ ..
تُهادِنُ نظَراتَكِ العَابِثةِ بالنَّشوَةِ ..
تَدعوني حُضورَ طُقوسِ الأُنوثَةِ ..
والغَمْسَ مِن شَهدِكِ المَخْبوءِ ...

من ديواني الثَّالث : قَوافِلُ النِّساءِ
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016