الهُروبُ الى أميركا- Flugten til Amerika
للشاعر الدنمركي: Christian Winther 1796-1876
آنذاكَ عندما كُنتُ طِفلًا صغيرًا،
و كُنتُ أخذتُ في الذّهابِ الى المدرسَةِ،
و حصلتُ على جزمةٍ لقدميَّ،
و صرتُ أرتدي مريولي؛
لم أكن أملكُ الخُشوعَ الذي لديّ الآنَ،
و كُنتُ عنيدًا،
كانَ دمي حارًّا يتحكّمُ في تصرّفي،
و كانَ إدراكي ضَعِيفًا.
في ظهيرةٍ ما، بينَ الثانية عَشَرَ والواحدة
كُنتُ أُصارعُ الرّيحَ،
مَقْبُوضَ اليدِ، حارَّ القلبِ،
وقفتُ و الدّمعُ على خدّيَّ.
لقد حصلتُ على صفرٍ في المدرسةِ
في أوّلِ الإمتحاناتِ،
سَعتْ أُميّ عَبَثًا لمعركةٍ من أجلي
في المدرسةِ.
و الخبّازةُ ريكي، و التي كانتْ لطيفةً قبلًا،
وقفتْ بخُبثٍ وراء البوّابةِ؛
كانتْ قد وعدتني برغيفٍ على شكلِ قلبٍ،
لقد رأيتُها تُعطيهِ لمورتن.
أخذتُ أُفكّرُ:(كَلَّا، هذا ظلمٌ!
اأكثر ممّا أستطيعُ تحمُّله؛-
عليهم جميعًا أن يدفعوا
ثمنَ أفعالهم الشَّنيعةِ هذه.
الآنَ سوفَ أهربُ الى أميركا!
حِفظًا لكرامتي.
أين أستطيعُ الآنَ إيجادَ رفيقي بيتر،
و كأنّه ضاعَ).
أدهشَني أخي الصّغيرُ إميل
عندما تركَ ألعابَهُ
و ظهرتْ بسمةٌ مُحيِّرةٌ على وجههِ
و كأنّهُ بينَ الضّحكِ و البُكاءِ.
( نعم، إسمعْ يا إميل! عليكَ أنْ تُرافقَني،
إنّنا أخوانِ و علينا أن نكونَ معًا؛
لم يعُدْ هذا المكانُ صَالِحٌ لنا
هناكَ سنجدُ العزاءَ و الفرحَ).
نظرَ الصّغيرُ الى حِذائهِ الجديدِ
و أخذَ بترتيبَ قبّة قميصِهِ.
(أطويلةٌ جدًّا الطريقُ؟
و هلْ تعتقد أنّ حذائي سوف يصمدُ).
-(نعم، الطريقُ طويلةٌ الى أميركا
أطولُ من الطريقِ الى العمّةِ لايسي في الضّيعةِ.
لكن حتّى نصل الى هناكَ
علينا ركوب البحرِ.
و إذا ما وصلنا سريعًا
لن نندمَ أبدًا على رحلتِنا:
سنحصلُ على مزرعةٍ كهبَة
و فَوْقَ ذلكَ مالًا.
هناكَ يصنعونَ حدوةَ الحصانِ من الفضّةِ،
و كذلك دواليب العرَبةِ مزركشةٌ بالفضةِ؛
ستجدُ الذّهبَ أمامَ قدميكَ،
إنحناءةٌ منكَ فقط تكفي لإلتقاطه.
هناكَ تنمو شتّى أنواعُ الفاكهةِ و اللوزِ
ستجدها بوفرةٍ هناك
فوقَ الشّجرِ المزروعِ صفوفًا
وهي لا تُكلفكَ شيئًا.
ستجدُ هناكَ السُّكرَ و الكعكَ
و أصنافَ الشيكولاته.
إنّها تُمطِرُ هناكَ كُراتٍ من السُّكّرِ
كما تُمطرُ الليمونَ.
فوقَ ذلكَ، هناكَ الحُرية
من الصّباحِ و حتّى أُفولِ الشّمسِ
تستطيعُ البُصاقَ على الأَرْضِ حيثُ تشاءُ،
كما تستطيعُ اطفاءَ السّجائر.
يتأرجحُ المرءُ طوالَ النّهارِ في أيّامٍ مُحدّدة
في كراسي فخمةٍ؛
و الأمرُ متروكٌ للمرءِ
إن أرادَ الذّهابَ للمدرسةِ أم لا!).
(نعم إذًا، مُوافِق!). قَالَ الصّغيرُ.
(الآنَ تقرّرَ السّفْرُ!
ليس لديّ رغبةٌ
في الذهابِ الى المدرسةِ.
سأجلبُ كعكةً
نأكلُها أثناء الطّريقِ،
و الإنجيلُ المقدّسُ؟
تعلمُ أنتَ أَنَّهُ ضروريٌّ لنا!).
جاءَ و الإنجيلُ المُصوّرُ في حُضنهِ
و قابضًا على الكعكةِ بفمهِ؛-
بقينا بُرهةً صامِتينِ نُفكّرُ في
مرارةِ لحظةِ الوداعِ.
أيا بيتَ الأجدادِ العزيزِ الآمنِ
سوفَ نفتقدكَ للأبد-
عندها فتحتْ أُمي نافذتَها قليلًا
و صاحتْ بإسمينا:
إميل و بيتر! الى أينَ أنتما ذاهبانِ؟
ما الذي تفعلانَه بالكتابِ في الشّارع؟
سارعا بالعودةِ الى هنا،
ستأتي الآنَ دورتي بالطّعامِ!).
وقفنا كلانا مصدومينِ،
سرعانَ ما نسينا رِحلتَنا،
و طغى عليها الطّعامُ
و صوتُ الأمّ الحنونِ.
و كأنَّ صوتَها اللطيفَ طغى على غضبي،
نزلَ مِثْلَ صاعقةٍ،
أغرقتُ حُزني في قاعِ صحنِ الشورباءِ
ووجدتُ عزائي به.
ترجمها عن الدنمركية: سليم محمد غضبان
14-1-2018
نبذة عن الشاعر الدنمركي: Christian Winther 1796-1876
نشأ راسموس فيلاديس كريستيان فرديناند وينذر في عائلة من الكهنة. اشتهر بين الرومانسيين لكتابته (رحيل الغزال) منذ 1855، الذي يُعتبر آخر الأعمال الكبيرة في عصر الرومانطيقيين.