الهروب إلى أميركا / ترجمة للكاتب سليم محمد غضبان

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الهُروبُ الى أميركا- Flugten til Amerika

للشاعر الدنمركي: Christian Winther 1796-1876

آنذاكَ عندما كُنتُ طِفلًا صغيرًا،

و كُنتُ أخذتُ في الذّهابِ الى المدرسَةِ،

و حصلتُ على جزمةٍ لقدميَّ،
و صرتُ أرتدي مريولي؛

لم أكن أملكُ الخُشوعَ الذي لديّ الآنَ،

و كُنتُ عنيدًا،

كانَ دمي حارًّا يتحكّمُ في تصرّفي،
و كانَ إدراكي ضَعِيفًا.

في ظهيرةٍ ما، بينَ الثانية عَشَرَ والواحدة

كُنتُ أُصارعُ الرّيحَ،

مَقْبُوضَ اليدِ، حارَّ القلبِ،
وقفتُ و الدّمعُ على خدّيَّ.

لقد حصلتُ على صفرٍ في المدرسةِ

في أوّلِ الإمتحاناتِ،

سَعتْ أُميّ عَبَثًا لمعركةٍ من أجلي
في المدرسةِ.

و الخبّازةُ ريكي، و التي كانتْ لطيفةً قبلًا،

وقفتْ بخُبثٍ وراء البوّابةِ؛

كانتْ قد وعدتني برغيفٍ على شكلِ قلبٍ،
لقد رأيتُها تُعطيهِ لمورتن.

أخذتُ أُفكّرُ:(كَلَّا، هذا ظلمٌ!

اأكثر ممّا أستطيعُ تحمُّله؛-

عليهم جميعًا أن يدفعوا
ثمنَ أفعالهم الشَّنيعةِ هذه.

الآنَ سوفَ أهربُ الى أميركا!

حِفظًا لكرامتي.

أين أستطيعُ الآنَ إيجادَ رفيقي بيتر،
و كأنّه ضاعَ).

أدهشَني أخي الصّغيرُ إميل

عندما تركَ ألعابَهُ

و ظهرتْ بسمةٌ مُحيِّرةٌ على وجههِ
و كأنّهُ بينَ الضّحكِ و البُكاءِ.

( نعم، إسمعْ يا إميل! عليكَ أنْ تُرافقَني،

إنّنا أخوانِ و علينا أن نكونَ معًا؛

لم يعُدْ هذا المكانُ صَالِحٌ لنا
هناكَ سنجدُ العزاءَ و الفرحَ).

نظرَ الصّغيرُ الى حِذائهِ الجديدِ

و أخذَ بترتيبَ قبّة قميصِهِ.

(أطويلةٌ جدًّا الطريقُ؟
و هلْ تعتقد أنّ حذائي سوف يصمدُ).

-(نعم، الطريقُ طويلةٌ الى أميركا

أطولُ من الطريقِ الى العمّةِ لايسي في الضّيعةِ.

لكن حتّى نصل الى هناكَ
علينا ركوب البحرِ.
و إذا ما وصلنا سريعًا
لن نندمَ أبدًا على رحلتِنا:
سنحصلُ على مزرعةٍ كهبَة
و فَوْقَ ذلكَ مالًا.

هناكَ يصنعونَ حدوةَ الحصانِ من الفضّةِ،

و كذلك دواليب العرَبةِ مزركشةٌ بالفضةِ؛

ستجدُ الذّهبَ أمامَ قدميكَ،
إنحناءةٌ منكَ فقط تكفي لإلتقاطه.

هناكَ تنمو شتّى أنواعُ الفاكهةِ و اللوزِ

ستجدها بوفرةٍ هناك

فوقَ الشّجرِ المزروعِ صفوفًا
وهي لا تُكلفكَ شيئًا.

ستجدُ هناكَ السُّكرَ و الكعكَ

و أصنافَ الشيكولاته.

إنّها تُمطِرُ هناكَ كُراتٍ من السُّكّرِ
كما تُمطرُ الليمونَ.

فوقَ ذلكَ، هناكَ الحُرية

من الصّباحِ و حتّى أُفولِ الشّمسِ

تستطيعُ البُصاقَ على الأَرْضِ حيثُ تشاءُ،
كما تستطيعُ اطفاءَ السّجائر.

يتأرجحُ المرءُ طوالَ النّهارِ في أيّامٍ مُحدّدة

في كراسي فخمةٍ؛

و الأمرُ متروكٌ للمرءِ
إن أرادَ الذّهابَ للمدرسةِ أم لا!).

(نعم إذًا، مُوافِق!). قَالَ الصّغيرُ.

(الآنَ تقرّرَ السّفْرُ!

ليس لديّ رغبةٌ
في الذهابِ الى المدرسةِ.

سأجلبُ كعكةً

نأكلُها أثناء الطّريقِ،

و الإنجيلُ المقدّسُ؟
تعلمُ أنتَ أَنَّهُ ضروريٌّ لنا!).

جاءَ و الإنجيلُ المُصوّرُ في حُضنهِ

و قابضًا على الكعكةِ بفمهِ؛-

بقينا بُرهةً صامِتينِ نُفكّرُ في
مرارةِ لحظةِ الوداعِ.

أيا بيتَ الأجدادِ العزيزِ الآمنِ

سوفَ نفتقدكَ للأبد-

عندها فتحتْ أُمي نافذتَها قليلًا
و صاحتْ بإسمينا:

إميل و بيتر! الى أينَ أنتما ذاهبانِ؟

ما الذي تفعلانَه بالكتابِ في الشّارع؟

سارعا بالعودةِ الى هنا،
ستأتي الآنَ دورتي بالطّعامِ!).

وقفنا كلانا مصدومينِ،

سرعانَ ما نسينا رِحلتَنا،

و طغى عليها الطّعامُ
و صوتُ الأمّ الحنونِ.

و كأنَّ صوتَها اللطيفَ طغى على غضبي،

نزلَ مِثْلَ صاعقةٍ،

أغرقتُ حُزني في قاعِ صحنِ الشورباءِ
ووجدتُ عزائي به.

ترجمها عن الدنمركية: سليم محمد غضبان

14-1-2018

نبذة عن الشاعر الدنمركي: Christian Winther 1796-1876

نشأ راسموس فيلاديس كريستيان فرديناند وينذر في عائلة من الكهنة. اشتهر بين الرومانسيين لكتابته (رحيل الغزال) منذ 1855، الذي يُعتبر آخر الأعمال الكبيرة في عصر الرومانطيقيين.
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016