الرامخ (بقلم::::احمد البدرى)

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

الرامخ (بقلم::::احمد البدرى)

الرامخ
دوامة من الغبار تتشكل خلفنا ، أقدامنا الصغيرة العارية تعارك وجه الأرض ، فتعاقبنا باللهب الخارج من باطنها ، حتى أشعة الشمس تتعامد على أجسادنا الهزيلة ؛ فنتصبب عرقنا وكأنهما أبرمتا اتفاق ضدنا ، فتثور الأرض فتردمنا .. تتملكنا الفرحة بما تمدنا من غبار ، كنا نتخفى خلفه ، فلا يرانا أحد ، ندك أقدامنا أكثر ..تمدنا بكمية أكبر من الغبار .. نشكرها ، غير عابئين بترابها الذي أحتل وجوهنا المعروقة وملابسنا الكالحة الألوان . نقطع من أديمها ما تيس لنا من حصوات نافرة نستخدمها أسلحةقنص ، مهاجمون النخل الباسق نقذف قلبها الدافق ، كانت النخلات ودودة معنا ،تتلقى الضربات فتعطينا المزيد من الرامخ، محاولة إبعادنا عن باقي جسدها ..فنملأ جيوبنا ، تصيبنا فرحة الفوز بالبشائر ، لم يشغلنا ما يتوغل في ملابسنا من نزف للرامخ المجتث لتوه من حضن أمه ، متسربة دموعه الدامية ملونة ما نرتدي بلون أحمر ، نعود مترنحين .. أقدامنا لا تعكر صفو الأرض وقد أبلغت قرص الشمس الذي أصبح حانيا علينا بلون الباهت المائل للحمرة ، وقد تصالحت لوقع أقدامنا المثقلة وأجسادنا المنهكة فحنت علينا . الأفواه تلتهم في اشتهاء ما جنت ، لا تعير انتباه للعصارات البيضاء التي لونت الشفاه ، قد تنبئ أمهاتنا بما فعلنا ، يتملكن الحذر من ردة أفعالهن وتسابق كلماتهن عن العذاب ومن الموت المنتظرة وتلك الحمى التي تسكن تصيبنا وتسكن أجسادنا . -2 - بعد أن يرحل الجميع يأتي متخفيا حاملا مقطفه الخوص ، يجمع ما تبقى يملأه وفي سرية يعود كما جاء . في الصباح يكون جالس فى أطراف سوق المدينة ، يتهافت عليه الصغار يكيل أليهم ولا يحسن الكيل . يبتاع قطع الحلوى الخبر الأبيض أقراص الطعمية الجبن الرومي ويعود ، يجد الأطفال يلعبون في حلقات متلاحمة ، يجلس وحيدا بعيدا عنهم ، لا يجد من يرحب بوجوده ، يخرج من مقطفه ما حوى.. يتجمعون حوله ، تتثبت الأنظار عليه ، تصرخ الأفواه الجائعة مشتية ما في يديه ، يتجمعون حاوله في استكانة ، يراوغهم ويقسم عليهم القليل ، يتشابكون الكل يريد ه فى مجموعته يلعب معهم ، يتشاورن وفى النهاية يتركون له الاختيار ، يشكل مجموعة جديدة منهم ، يقودهم إلي ألعاب جديدة مبهرة لا يعلمون عنها شيء ، يتعاركون .. يتنازعون ..يختفي ..يتركهم .. يذهبون إلي جمع الرامخ يصارعون الأرض ..يقذفون النخل ، بعد رحليهم يجمع ما تركه .
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016