من كتاب يوسُف الصديق - بقلم / احمد ناصر

من كتاب يوسُف الصديق - بقلم / احمد ناصر

يوسف : أتصدق يا أبتِ أن الكواكب تسجد..؟
يعقوب : نعم فالكواكب والأفلاك السماوية كلها تسجد.
يوسف : فلقد رأيت الكواكب والشمس والقمر ساجدة.
يعقوب : وما الجديد في هذا، فالكون كله يسجد.
يوسف : ولكن يا أبتِ هل تسجد لبشر؟
يعقوب (منتبهًا ومتشوقًا): تسجد لبشر؟! تقول تسجد لبشر؟! إنها رؤيا إذًا.. أكمل بسرعة يا بني ولا تتوقف فلقد حركت فضولي.
يوسف : نعم يا أبتِ فلقد رأيتها ساجدة لبشر.
يعقوب (متلهفًا): أتعرف هذا البشر يا بُني؟ وهل تذكر عدد الكواكب؟
يوسف : أنا يا أبتِ.. فلقد رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر تبرح أماكنها البعيدة السحيقة، وتسجد لي..
(ينتفض يعقوب واقفًا من شدة الفرح، فيقع يوسف من فوق فخذه على الأرض.. ويخشى على يوسف أن يكون أصابه مكروه، فيدنو منه ويلتقطه من فوق الأرض، وهو يمسح على رأسه في رفق وحنان).
يوسف : ماذا حدث يا أبتِ؟!
يعقوب : معذرة يا ولدي ولكنها البشرى.
يوسف : أي بشرى هذه يا أبتِ؟
يعقوب : بشرى السماء التي أتت أجدادك إبراهيم وإسحاق.
(يخر يعقوب ساجدًا يشكر ربه ويدعوه أن يُتم فضله عليه وعلى ولده كما أتمه على أبويه إبراهيم وإسحاق).
يوسف : أنا لا أفهم شيئًا يا أبتِ.. فما معنى ما رأيت؟
يعقوب : معنى ما رأيت يا يوسف.. أنه سوف يكون لك شأن عظيم. فالكواكب والشمس والقمر لا تسجد إلا لعظيم ذي شأن..
يوسف (فرحًا): أحقًا ما تقوله يا أبتِ؟
يعقوب : نعم يا يوسف.. فسوف يُنعم الله عليك كما أنعم على أبيك يعقوب، ويصطفيك كجديك إبراهيم وإسحاق، ويعطيك من علم تأويل الرؤى والحكمة ما يجعل لك شأنًا عظيمًا بين الناس.
(يزداد تعلقه بيوسف وحرصه عليه بعد الرؤيا، وتعتريه حالة من القلق والخوف عليه).
يعقوب (محذرًا): اسمع يا يوسف.
يوسف : نعم يا أبتِ.
يعقوب : اكتم هذه الرؤيا بيني وبينك، ولا تخبر بها أحدًا مهما كان أمره.. حتى إخوتك.
يوسف (مندهشًا): حتى إخوتي؟!
يعقوب : نعم حتى إخوتك.
يوسف : ولماذا يا أبتِ؟! إخوتي سوف يفرحون عندما أقصها عليهم.
يعقوب : أنت يا يوسف ذو قلب نقي طاهر، ولا يعرف بعد الكيد والأحقاد.
يوسف : الكيد والأحقاد.. وهل يحقد علي إخوتي؟! حتى أخي دان فهو يحبني كثيرًا.
يعقوب : أنت ما زلت صغيرًا يا يوسف، ولا تعرف ما هو نزغ الشيطان.
____________________________
# كتاب_يوسف الصديق