وحيد راغب يكتب ــ التوازن فهم عميق لحقيقة الاشياء

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
التوازن فهم عميق لحقيقة الاشياء
قال رسول الله "ص" : المؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف , وفى كل خير , احرص على ما ينفعك , واستعن بالله , ولا تعجز , وان أصابك شىء فلاتقل : لو أنى فعلت كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل , فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم عن ابى هريرة
التوازن دأب منهج الاسلام دائما بعيدا عن الشطط أو التفريط والضعة والعجز , يحثنا أن نَمْلُك ولا نُمْتَلك , نقوى ولكن فى الخير ولا نستضعف تجاه الشر والاستبداد , نعرف مصادر الارادة , ومنائر العزم , نجوب الارض والسماء بشخصية العارف المستأمن .. نصعد قمم الجبال ونعمر الوديان والسهول .. نكون فيضا لا غيضا .. دأبنا عمارة الكون لا تخريبه , وفى انسانيتنا الانسان المكرم نخرجه من ضيق الفقر , ومن رسوف العبودية للبشر الى سعة الحب والتآلف والتعارف والتكامل .. لا نميل الى شيوعية فاشلة رسخت تحت الحزب الواحد الدموى تحت مسميات ما تحققت وهى انتشال الفرد من انانيته الى رحابة الكل والمجتمع , فوصلت بها الى انتعاش القلة وتعاسة الكل أو افقار المجتمع ثم لجأت الى الهبات والمساعدات والقروض ,, اى هلاك المجتمع , ولا نميل الى الرأسمالية وهى التى أذأبت الفردية الانانية التى لا تعرف الا راحة الفرد ورفاهيته ولو دب الفقر فى أوصال المجتمع , لا يهم الا الربح لا غير .
فكان الاسلام منهجا يبحث فقط عن الانسان الفرد داخل المجتمع . فلا فردية مطلقة , ولا مجتمع يبلع الفرد ..راحته .. الانسان المكرم هو سيد الكون , وله سخرت مكوناته بحرا وجوا وأرضا .. يجوب لينفع وينتفع ويعمر , لا يدمر ولا يعتاش على خراب الغير وافقاره , كأن البشر كلهم على اختلاف مشاربهم وألوانهم واديانهم جسد واحد , لانهم بالفعل من أب واحد وأم واحدة "آدم وحواء " .
الأصل هو السعى للارتزاق شريطة الصلاح فى السعى والحصول على الرزق , من حله ويصرف فى حله .. والسعى يحتاج الى قوة نفسية وجسدية وروحية .. لان القوى مسئول عن الضعيف ليقيم أوده ويكسيه ويستره .. ومسئول عن الشيبة والاطفال وأصحاب الحاجات الخاصة الذين لا يقدرون على تفعيل الاسباب للرزق . فالاسلام ليس كغيره .. هو ينظر للغير ويقدره ويحترم آدميته وحاجاته ..بينما غيره لا يرى الا قوته وكسبه هو لنفسه.. وليمت الغير ..الغير قادر ..
فهنا الحديث يطلق فهمنا وعقولنا لنرى الحق , ونبتعد عن الباطل , لنرى الحب ونبتعد عن الانانية , ومنه :
1- المؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف , وفى كل خير:
يوجهنا الاسلام الى أن القوة فى كل شىء تسعدنا وتجعلنا مؤهلين لكسبنا بل لاعالة الغير , ولكن القوة المنهجية البعيدة عن السطو والديكتاتورية واضعاف الغير لمنفعتنا كما نجد فى اخطبوط العالم أمريكا الآن ومن على شاكلتها , قوة العزم والارادة , قوة الحب , قوة التكافل , قوة الايمان بان الانسان له مراحل من طفولة وشباب وشيخوخة , فلابد أن يؤهل جسديا بالرياضة وروحيا بالعلم وايمانيا بالاتصال بمنهج السماء , فالشباب بين مرحلتين من الضعف : الطفولة والشيخوخة , لهذا على الشباب العمل ثم العمل ثم العمل ,, فهو المسئول الاول عن الاعالة للغير والنفس والمجتمع قال برنارد شو :
لا يكون الانسان فاضلا الا اذا أعطى مجتمعه أكثر مما أخذ منه ,
ومع ذلك لم ينف الاسلام الخير من الضعيف الغير قادر , والتى بعدت عنه الاسباب , فقد لا يجد الشباب أو غيره العمل , فيقع تحت غول البطالة , والامراض النفسية فهو القوى الضعيف بالحالة الاقتصادية التى عليها بلده .. وهنا على الوطن توفير فرص العمل , وعلى الشباب أن لا يكل فى البحث والتنقيب عن عمل حتى ولو لم يناسب شهادته وامكانياته , حتى يتسع له المجال المناسب ,, فى وقت ما ..
فالضعيف فيه الخير ولكن لا نتضاعف ونتهالك ونتسول .. نأتى قدراتنا وعلى المجتمع أن يعين وايضا الاقوياء
قال "ص: اليد العليا خير من اليد السفلى " رواه البخارى ومسلم
اذن الدعوة للقوة تكون فى استعمالها لخير النفس والمجتمع . ولكن شطط البشر وجشعهم وطمعهم تجاه بعض .. جمح فيهم الاستعداء وحب الذات حتى لو هلك الغير واستعبد .. والا لما كان هناك حتى لو تقلص الآن وظهر بشكل آخر : الرق والاستعباد " عبيد واماء " .
ولكن الفطرة ومنهج السماء يدعوان الى القوة الخيرية العادلة المحبة لا العدوانية .
كان طه حسين يقدم كتبه ب: الى الذين لا يعملون , ويضايقهم أن يعمل الناس ".
فالقوة عمل وعطاء , لا خزى وتسول واستجداء .والضعف قوة بقوة القوة العادلة والمحبة . ونحن يعمل الزمن فينا بين القوة والضعف فعند قوتنا يوجد الضعفاء وعند ضعفنا يوجد الاقوياء , ولا ينفع الا قوة خيرية تعمل منهج الحب للبشر .
2- احرص على ما ينفعك , واستعن بالله , ولا تعجز:
هنا ثلاثية مكملها لبعضها : الحرص على المنفعة سواء كانت دنيوية أو أخروية وكلاهما لايفترقان ,أى لايمكن أن تعمل بدون كسب نافع لك وللمجتمع , والا ففيما العمل , ولكن النفعيةالمغرضة الانانية هنا نطالب بالبعد عنها لانها شر على النفس والمجتمع , تؤدى الى الاستغلال والديكتاتورية والاستعباد ,ومن طرقهاالجشع والحرص السلبى اى البخل والشح , وايضا الرشوة والتجارة فى الممنوعات والسرقات , وفى حرصك على العمل والنفع الخيرى لا تركن الى أسبابك فقد يعجزك المرض أو الشيخوخة أو قلة الحيلة, واستعن بالذى هيأ لك الأسباب " خالقك الذى يمد يد العون لك وقت حاجتك اليه .. ومن يستعن بالله يعنه ..
وايضا لا تركن الى الدعة والكسل والتوحوح والتململ .. فتميل الى الاستيعاب من الغير ومد يد الاستجداء والمذلة .. فادعاء العجز مصيبة تؤدى الى التسول والاعاشة على خير الآخرين بدون عمل , وهذا الصنف من الناس يؤخر المجتمعات ولا يتقدم بها .. فهل يرزق الله من ينام ويتكل ؟؟
3- وان أصابك شىء فلاتقل : لو أنى فعلت كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل , فإن لو تفتح عمل الشيطان ":
وهنا علينا سبر المعنى لا الوقوف على سطحيته , فالهزيمة لا تعنى نهاية الحياة , ولا الرسوب بل ربما تكون هى شرارة البداية والنجاح .. ولكن لنفهم أن النجاح من مربط الهزيمة والتخاذل يكون فى دراسة الاسباب التى أدت الى الاخفاق ,, ولا نركن الاخفاق على شماعة القدر .. فعندما نعرف لماذا وصلنا للاخفاق فى العمل , نبدل ما اخفقنا به ونعدله للنجح ونتقدم , وما الصندوق الاسود فى الطائرات وغيرها الا لدراسة الاسباب التى جعلت الطائرة تسقط حتى يعالج الخلل فيما بعد فلا تحدث الكوارث .. لاحظ المؤرخ الفرنسى أرنست لافيس أن بروسيا أسست الجامعات حيث حلت بها الهزائم فهى أسست جامعة بيتا مثلا سنة 1804م عقب هزيمة جيوشها فى هذه البلدة واحتلال نابليون الاول معظم بلاد ألمانيا .وذلك قبل أن يتكون الاتحاد الالمانى 1871م ومنه بروسيا
قال سعد زغلول: إن تعاون الاصفار لا ينتج الا صفرا ,أو إن انضم الصفر الى صفر , لا ينتج الا صفرا .
واذا درسنا الاسباب وعالجناها لا نفتح عندئذ مجال لكلمة لو التى لا تقدم ولا تؤخر بل تؤخر , لاننا بمعالجة الاسباب نكون رجعنا الى أن الله له حكمة فيما أصابنا فكان القدر لنا تصحيح لاخطائنا , ولا يمكن أن يكون القدر شماعة للاخفاق , ولكن القدر معرفة الاسباب وعلاجها , وعندئذ يكون القدر ليس ولولة ولا صريخ وانما إيمان ينجينا من الحالانت النفسية التى لا تعرف الا الماديات فقط فالايمان منه هنا تصحيح ما اخفقنا فيه بعد معرفة الخلل , وهنا يكون الايمان بالقدر , لا ما ندعيه ونجلس بلا دراسة ولا عمل , ونقول ربنا له ارادة فى هذا , وهذا قدرنا .. ما نفعله وقتئذ هو الهلاك نفسه وعدم معرفة معنى القدر الايمانى ..ألم نر الفاروق عمر بن الخطاب فر من طاعون عامواس المهلك بالشام ولما عابوا عليه قال : نفر من قدر الله الى قدر الله
وهذا طلعت حرب منشىء بنك مصر واكثر من 15 شركة تابعة له منها الطيران والسينما ومطبعة مصر والغزل والنسيج بالمحلة ومنقذ الاقتصاد المصرى فى حينه .. أخفق فى بداية حياته فقد عمل بقالا بدكان صغير بالعباسية وفشل وعمل بتجارةالالبان ومستحضراته ولم يوفق رغم انه خريج مدرسة الالسن والادارة والقانون
فالقدر الايمانى نعرف الخلل وندرسه ثم نعالجه هذا هوالايمان بالقدر ودحض كلمة أو حرف لو التى تعجزنا ولا تجعلنا نستيقظ من سباتنا واوهامنا .. لان لو لا ايمان فيها بالقدر الذى يريدنا أن نعالج خللنا لنتقدم وننجح .. لان لو هذه شيطانية تعجز وتجعلك كأنك فى قيد لا يفك أبدا .. ونحن نعرف طرق ومخارج الشيطان التى يفتحها علينا ليزيف المفاهيم , تحت الايمان بالقدر .. فالايمان الحقيقى بالقدر هو دراسة الاسباب التى جعلتنا نخفق ثم معالجتها هذا هو القدر الايمانى الذى يقتل حرف لو الشيطانى .

الشاعر وحيد راغب
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016