رواية ***بُـذورٌ مَـلْـعونـة (8)الفصل الأخير*** حنين فيروز

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
رواية ________بُـذورٌ مَـلْـعونـة (8)
الفصل الأخير
فتحت هدى عينيها ببطء وجالت ببصرها في الغرفة للحظات،ألقت اللحاف جانبا،نهضت من فراشها،مشت على أطراف أصابعها بخفّة وفتحت الباب بمنتهى الهدوء،تناهي إلى سمعها صوت حماتها تتحدّث على الهاتف وتلّح على الحلواني بضرورة إعداد كعكة بمواصفات خاصّة..
_أريدها أن تكون كبيرة..نعم ،نعم عمره سنة،أريدها على شكل دبدوب بالأبيض والأزرق، لا تنسوا الخطّ يجب أن يكون إسم أكرم كبيرا وواضحا..
مرّ أسعد من أمام الغرفة يحمل عدّة بالونات معقودة بشريط أحمر مع بعضها البعض..وتوجّه إلى الصالون ليعلّقها هناك..
عادت هدى إلى سريرها وانبعث صوت غاضب من أعماقها..
"كيف لها أن تؤكد لهذين الأحمقين أنّهما يحتفلان بعيد ميلاد طفل لا يمثّ إليهما بصلة"..؟
فركت يديها بتوتر واضطراب كبير وتابعت تفكيرها..هما ليسا أحمقين أبدا،هي من جنّت وتسبّبت في كل هذه الفوضى..لقد حاولت التكفير عن جريمتها وإعادة الأمور إلى نصابها الصّحيح ولو بقوّة القانون وتداعياته الكارثية عليها وعلى أسرتها..لكنّ الضابط أوصد ذلك الباب بحزم،ربما ظنّ هو الآخر أنّها مجنونة..غمغت هدى بصوت مسموع..
_تبّا لتلك الأقراص المهدّئة كلّما توقّفت عن تناولها يصيبني الارتعاش وقلّة التركيز..
عادت للجلوس فوق حافّة السّرير،وضعت كلتا يديها على خدّيها وشردت ..
تصارع حلاّن في فكرها،هل تفتح باب الغرفة وتخبرهما برباطة جأش سرّها الذي حرمها الرّاحة والهناء ،ثمّ تجذب حقيبتها لتعود إلى بيت والدها،ذاك الّذي رحل عنه الجميع..
بيتٌ فسيح الأرجاء واسع الغرف،بيتٌ فقد روحه ولفظ آخر أنفاسه حين استقرّ والدها في بيته الرّيفي بعدما أصيب بهوس جديد إسمه زراعة الزعفران..
أمّا قلبُ ذاك البيت فقد توقّف عن الخفقان يوم رحلت أمّ هاني بصمتٍ إلى قريتها،هي فقط من كانت قلبه وروحه بعطائها اللامحدود الذي تخطى حواجز الارستقراطية وأثبت أنّها فارسة حقيقيّة في معترك تلك الحياة القاسية ..
أمسكت يدٌ بمزلاج الباب فأسرعت هدى تستلقي على سريرها وأغمضت عينيها المرتجفتين ،لكنّ اليد ما لبثت أن تراجعت..
عادت هدى تفكّر من جديد في الحلّ الثّاني،ربّما عليها أن تنتظر الفرصة لتفرّ منهما معاً دون أن تخبرهما شيئا،لكن كيف تهرب وأسعد لم يبرح المنزل منذ عودته المفاجئة من العمل لأجل تبريره لذلك السرّ اللّعين..
لن تأخذ حقيبتها،سترحل خلسة دون أن تلفت انتباه أيّ منهما،ستغيّر ملابسها لتكون جاهزة للرّحيل في أيّ لحظة..
ألقت نظرة من الباب الذي تركته مواربا منذ لحظات،لم تسمع غير ضحكات أسعد وملاعبته لأكرم الّصغير..
يبدو أنّ حماتها تعدّ حساء الشّعير لأنّ رائحته فاحت من المطبخ،كم تعشق أكلاتها وأطباقها اللذيذة،ستحرم نفسها الكثير من الأشياء الجميلة،وستعود لمعانقة الوحدة لتنشئ من صغيرها نموذجا مصغّرا من والدها في بروده وقسوته..
سالت دموع يملؤها الأسى وعظّت هدى على نواجذها من فرط الندم،عادت لتجلس فوق السّرير ،أحنت رأسها ورفعت شعرها إلى الأعلى بغضب وضيق شديد..
فوجئت بقدمين كبيرتين حافيتين تقفان أمامها ..جلس أسعد بجانبها بخفة،أحاط كتفيها بذراعها وسألها برقّة
_هل تشعرين أنّك أفضل الآن؟
لم تحرّك هدى ساكنا وتابع أسعد بلطف :
_ألن نخرج لاقتناء الهدايا لأكرم الصغير ؟
ابتسمت هدى بسخرية وقالت :
_ليت جميع الأمور يسيرة كاقتناء الهدايا..
وضع يده على خدّه وسألها مبتسما :
_وما هو الأصعب مثلا ؟
عربد الصوت الغاضب داخلها وصرخ بقوة :
_يكفي أنّك خدعتهم طوال تلك كلّ الشهور،تحلّي بالقليل من الشجاعة واعترفي بالحقيقة..أجابه صوت ضعيف آخر باستسلام :
_حسنٌ لن أصمت بعد الآن،فقد آن الأوان لكشف السّر !
نهضت هدى وابتعدت خطوتين من أسعد وهتفت بصرامة :
_أنتم ستحتفلون بعيد ميلاد طفلٍ غريب لا يمثّ لكم ولا لي بأيّ صلة !
راقبته هدى بنظرات زائغة وهي تحاول السيطرة على انفعالها،بينما لاحت نظرات غريبة من عيني أسعد،توترت عضلات وجهه،ثم طأطأ رأسه ولم يبد أيّ رد فعل فتساءلتْ هدى في قرارة نفسها
_يا إلهي ما بال هذا الرّجل صامتا ؟
لوّحت بيدها في الهواء وصرخت :
_ربّما أبدو لك أنّي أهذي ،لكنّ الحقيقة باختصار أنّ الولد ليس ابني ولا ابنك ،أنا مجرمة لقد قمتُ بتغييره في المشفى،والأن أنا أسعى لاسترداد الحقيقي..
انحنت على ركبتيها ورفعت رأس أسعد بكفّيها وتابعت:
_أقسم أنّي لستُ مجنونة ،فقط صدّقني الآن،وبعد ذلك سامحني أو لا تسامحني،طلّقني أو لا تطلّقني،لم يعد الأمر يهمّني بعد أن عرفتّ أنّكما أخفيتما عنّي ذلك السرّ وتركتماني أعاني وأعذّب نفسي في كلّ لحظة ظنّا منّي أنّني السبب..
طال صمتُ أسعد وعبوسه،تركته هدى جالسا في غرفة النّوم ،وقصدت غرفة حماتها التي فوجئت بهدى تقتحم الغرفة باكية وتقبّل رأسها وتصرخ :
_سامحيني أمّي،أنتِ لا تستحقّين منّي كل هذا الأذى،لكنّ الولد ليس حفيدك،لا تظنّي أنّني جننتُ فجأة أنا فعلا كذلك منذ سنوات،لكنّ ما أقوله لك الآن هو الحقيقة المرّة..
لحقها أسعد وإتّكأ على باب الغرفة،وتسمّرت عينيه على هدى الّتي تهالكت فوق أقرب أريكة ..
دفنت رأسها بين راحتيها وانخرطت في نوبة بكاء حارّة وقالت بصوتٍ مبحوح :
_لقد غيّرتُ الولد يا أمّي وجعلتكِ تربّين آخر غريبا عنكِ،لم يعد بإستطاعتي الاستمرار في هذه المهزلة أكثر،لذلك اعترف بجريمتي عساي أنعم ببعض السّلام !
أحاطت بها أربعة أذرع بحنان بالغ وعطف صادق،استرسلت هدى باكية :
_لا أستحقّ منكم هذا الحبّ،تلاعبتُ بمشاعركم طوال هذه المدّة لأجل فكرة مريضة،أردتُ إخفاء الولد حتّى لا تمتدّ إليه يد الموت ..
غمغمت حماتها بأسف :
_ تلك الأهوال تُذيب الحديد يا ابنتي..
رفعت هدى رأسها بغتة وابتسمت :
_أمّي،أسعد ..الولد بخير، الممرّضة أكّدتْ لي الأمر هذا الصباح،وغدا سأذهب لإحضاره وسأعود إلى بيت والدي،صدّقاني لن أحرمكما أبدا من زيارته..
ربّتت حماتها على كتفها بحنوّ بينما جفّف أسعد دموعها بلطف وجذب يدها واتجه إلى غرفتهما،تابعتهما حماتها بنظرات حزينة..
جلس أسعد على كرسيّ مواجه لها وقال بهدوء :
_أكرم ليس غريبا حبيبتي،إنّه ابننا حقّا،رحمة لم تغيّره فقط أوهمتكِ أنها فعلت ذلك !
فغرت هدى فمها بذهول وهتفت بدهشة ممزوجة بالسّخرية :
_تقصد ملاك الرّحمة الذي يُدعى بديعة،،وهل تعرفها ؟
أجابها أسعد بهدوء :
_نعم أعرفها ولا تنفكّ تتّصل بي وتطلب مني أن أصارحكِ بالحقيقة،اليوم اتصلت بي وهدّدتني أنّها ستخبركِ بنفسها إن لم أفِ بوعدي،فرجوتها أن تمنحني يوما إضافيا فقط،فوافقتْ على مضض لأنّها لا تنفكّ تفكّر في محنتكِ،حتّى أنّها أوصت صديقتها حين انتقالها إلى المشفى الآخر بأن تدلّكِ على طريقها حال ظهوركِ ثانية !
اتّسعت عينا هدى من فرط الذهول وقالت :
_مستحيل !
_حبيبتي كان لا بدّ من إخراجكِ ممّا أنتِ فيه،أعترف أنّي أمضيتُ وقتا طويلا في التخطيط حتّى أعبر بكِ إلى شط الأمان..الصّغير الذي لا تطيقين رؤيته بالفعل ابننا..المشفى..الممرّضة..السيّدة ..كلّهم قطع شطرنج صمّمت لهم مواقعهم حتّى يكون الأمر بمنتهى الدقّة ولا تشوبه شائبة..
صاحت هدى بغضب هادر قائلة :
_مستحيل ما تقوله،لقد رأيتُ تلك المرأة التي كانت تحتضن طفلي،حتى أنّها كانت تغطّيه بلحاف أزرق سماويّ،ورأيتها تغادر بيتها وهي تحمله بين ذراعيها،لكنّها اختفت بعد ذلك لأفاجأ أنّها أنجبت بنتا وليس ولدا..
ابتسم أسعد وقال :
_تلك المرأة لا تعرف شيئا،واللحاف أمّي من أهدته إليها بطريقة ذكيّة لا تثير الشكّ لتوهمكِ أنّ لديها ولدا،كما أن اختفاءها الفاجئ خدمني بشكل جيّد !
ردّت هدى بإصرار :
_لكنّي رأيت ابني حين أفقت من التخدير بعد العملية القيصرية،كان جميلا وأبيض البشرة و..
قاطعها أسعد :
_تلك كانت الرضيعة،أحضَرَتْها لك رحمة ورأِيتها لثوانٍ معدودة وأعادتها إلى أمّها ثانية بعدما ادعت أنّ الطبيب يريد فحصها..
تمتمت هدى بشرود :
_لكنّ الولد لا يشبه أحدا !
قهقه أسعد ضاحكا وقال ؛
_بل هو صورة طبق الأصل من والدي في طفولته، وستريكِ أمي صوره وتتأكدين بنفسكِ !
غمغت هدى باضطراب :
_حتّى حماتي كانت تعلم بالطّبع !
اقترب أسعد منها وقبّل يدها بحنان :
_نعم حبيبتي،وأمّي من نبّهتني لذلك الأمر دون أن تدري،حين كانت تردّد أمامك اعتقاد أهل القرى بضرورة منح الولد لأسرة أخرى حتّى يراوغ الموت..وكانت ترجوكِ أن توافقي على زيارة الأولياء الصالحين حتى يحيا أبناؤنا وكنّا نرفض معا..
لم تستطع هدى استيعاب ما يحدث وعجز عقلها عن فرز تلك الأحداث الغريبة ووضعها في خاناتها الصحيحة لكنّ أسعد واصل كلامه :
_حين أصررتِ على الإنجاب في المشفى الحكومي،عرفتُ أنّ لديك سببا قويّا لذلك،وطلبت تدخّل والدك الذي اكتفى بتوصية البروفيسور أحمد على الاعتناء بكِ..وفكّرتُ أنّه يلزمنا ممرّضة ذكيّة لتراقبك وتكشف لنا نواياكِ وأيضا لتُعنى بكل أمورك..
قالت هدى باستهزاء :
_وهل يجيد والدي شيئا غير الاتصال بمعارفه وإزاحة أيّ همّ عن عاتقه حتى لو كانت هموم ابنته الوحيدة !
توقفت هدى للحظة عن الحديث وقالت بشكّ :
_لكن أنا من اخترتُ بديعة !
ابتسم أسعد قائلا :
_لقد اختارتها أمّي قبلك ومن حسن حظّنا أنّها أيضا من بلدتها وتتكلّم نفس لهجتها،تطلّب الأمر منّا أسبوعا من الإلحاح والاستعطاف حتّى رضيت أخيرا بمساعدتنا ورفضت أخذ قرشٍ واحد..!
قاطعته هدى :
_ لكنّي حرّرت لها شيكا..
أجابها أسعد بثقة :
_لقد أعادته إليّ ولم تصرفه حبيبتي،قالت أنّ ما ستقوم به يُعدّ مغامرة قد تعصف بمستقبلها،لكنّها وافقت حين علمت أنّها خدمة انسانيّة لامرأة مكلومة فقدت ثلاثة ابناء ولم تسعد بهم أبدا..!
رفعت هدى كفّها إلى الأعلى وقاطعته بعصبية :
_لحظة ،ذلك الضابط لماذا رفض مساعدتي ؟
أخفض أسعد بصره أرضا وقال بخجل :
_لأني راقبتكِ حين طلبتِ الأجازة بشكل مفاجيء وعرفتُ أنّك تنوين استعادة الولد،فاتّصلتُ بوالدك وأخبرته أنّك تعانين من أزمة نفسيّة حادّة جعلتكِ تعتقدين أنّ أكرم ليس ابننا،فأجرى اتصالاته، وسرعان ما تراجع الضابط بعد أن اتصل به رئيسه وأخبره أنّكِ قريبته وتعانين من الهلوسة والوسواس..
احمرّ وجه هدى غضبا،صمتت قليلا وصرخت :
_ويفترض بي أن أصدّق كلّ هذا ، محالٌ أن أفعل !
أمسك أسعد بيدها وقال بحزم :
_بل صدّقي حبيبتي،صدّقي أنّ الكابوس انتهى وأنّ واقعنا صار أجمل وأحلى !
همهمت هدى بشرود :
_هل أصدّق أنّ العذاب اعتزم الرحيل وشرع في جمع أغراضه ؟ هل أصدّق أنّني أخيرا أصبحتّ أمّا حقيقيّة !
جثت أمام أسعد على ركبتيها وصرخت :
_أرجوك ،اصفعني،شدّني من شعري،اصرخ في وجهي،قل لي أنّي لا أحلم،وأنّ الغيمة السوداء انزاحت أخيرا عن حياتي!
وقفت ثانية ورفعت كلتا يديها عاليا وصرخت بهياج شديد :
_هل أصدّق أنّي نجحتُ في مراوغة الموت،هل أصدّق أنّ الولد نجا بالقرب منّي ،ولم يكن يفصلني عنه سوى جدار واحد،لقد عاد معي إلى البيت دون أن أعلم أنه ابني،،هو الله منّ عليّ اخيرا وشملني برحمته وعطفه !
سجدت وهتفت بفرحة طاغية :
_الحمد لله ،شكرا يا ربي !
طارت نحو غرفة الصغير وحملته بين ذراعيها وبدأت تطوف به وضمته إلى صدرها بحرارة، نظرت إليه بعينين مغرورقتين بالدموع وقالت :
_أيّها اللئيم،طوال هذه المدّة كنت أمام ناظريّ وبين قلبي وبينك أطول المسافات..
رفع الصغير يده ومرّرها على وجهها وصاح فرحا وهو يلعب برجليه..
جفّفت كنزة دموعها تأثّرا بسعادة هدى التي هتفت :
_أمي احملي عنّي أكرم،أسعد هاتِ الهاتف،الكلّ يجب أن يحضر،يجب أن نحتفل بعيد ميلاد صغيري،أخيرا لن أضطر إلى التظاهر بالسعادة أمام الناس ،لأنّها أصبحت تنبع من قلبي الآن..
التفتت إلى حماتها وزوجها وقالت بصوت متهدّج :
_أسعد ،أمي بحجم السّماء أشكركما أيّها الرائعين،لا حرمني الله منكما أبدا..
تبادل أسعد وأمّه الابتسام وهما يراقبانها تتصل بكلّ معارفهم بحماس وفرحة،وشعرا أنّ روحها الجميلة قد رُدّت إليها من جحيم العذاب..
رنّ جرس الباب بغتة،أسرع أسعد ليفتحه،ثم صاح بابتهاج :
_هدى،انظري من جاء لزيارتنا !
كانت هدى تحتضن صغيرها وتسوّي خصلات شعره النّاعمة بينما يتحسّس أكرم وجهها بفرح،قامت تحمله لترى القادم لكنّ الضيف صاح بصوه الجهوري وكلماته السّريعة:
_معذرة سيّدتي كنزة على حضوري المفاجئ،لكنّ لا أحد من هذين الولدين يشغّل هاتفه..!
عانقته هدى بحرارة لم يعهدها منها والدها،بدا وجهه مشرقا وبصحّة جيّدة، رمقها بنظرات ثابتة وابتسامته المطوطة تعلو شفتيه..
هرولت كنزة إلى المطبخ لإعداد القهوة ولحقها أسعد ،شعر أنّ هدى بحاجة للبقاء وحيدة مع والدها..
انحنى والدها وهمس :
_بابا تبدين سعيدة !
أومأت هدى موافقة بينما تابع والدها :
_اعتقد أنّك عثرتِ على ضالّتكِ،رغم أني لا أدري ما هي،لكنّي لم أتوقّف عن الدّعاء لك،كما أنّي أوصيت عبد الواحد بإعداد طبق كبير من الكسكس والذهاب به إلى المسجد يوم الجمعة لكي ينعم الله عليك بالسعادة وراحة البال..
اغرورقت عينا هدى وقبّلت يد والدها شاكرة إيّاه وغمغم بحنان :
_لطالما شعرتُ أنّكِ لستِ بخير،لكنّي الآن فقط ارتحت..!
ظهر أسعد يحمل فنجان القهوة ،وما إن رآه الحاجّ علي حتى هتف :
_هدى ،أسعد، سيّدتي كنزة ! لقد جئتُ اليوم إلى المدينة لأجل توقيع عقد شراكة بيني وبين مسثتمر أوروبي،سننشئ قرية سياحيّة صغيرة وسأراهن عليها بكلّ ما أملك..
التقت نظرات أسعد وهدى واتسعت ابتسامتهما حين هتف الحاج علي بجملته المعهودة :
_ليس مهمّا أن نفشل بابا،لكنّ المهمّ ألا نستسلم للفشل أبدا..!
قبّل الصّغير وحمله عاليا ثم أعاده إلى هدى،واستأذنهم للانصراف ليلحق بالموعد المهم..
أسرعت هدى إلى غرفتها وارتدت ملابسها على عجل لترافق أسعد إلى محلّ اللّعب والهدايا..
حملت أكرم بين ذراعيها وتوجّهت إلى السيّارة ،سارع أسعد ليفتح لها بابها، وطافت عيناه تبحثان في الشارع عن شيء ما ،ثمّ ما لبث أن ابتسم لامرأة كانت تقف في ناصية الشّارع أمام محلّ للملابس الجاهزة،رفع يده ووضعها أمام صدره وانحنى باحترام،بادلته رحمة الابتسام ورفعت كفّها للحظة،ثم دارت على عقبيها ومضت إلى حال سبيلها..!
تمّت بحمد الله
حنين فيروز
24/05/2016
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016