لقد جاش القلب : هادي صابر عبيد السويداء
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لقد جاش القلب يُذكرني في الصبا
ذاك الغُراب الذي نعق فوق الباب
فجر يوم خميس كُنت نائمً ولما
خَرجت وجدته ينعق لاذ بالهروب
لم تمضى ساعاته الخمسة حتى
سقطت شقيقتي في البئر القريب
اسمها جُمانا حتى رميتُ بنفسي
خلفها وانتشلتها من بئر ماء العذاب
لم أعد اعرف إن كانت ثيابي تبللت
من ماء البئر أم من بين الأهداب
فقلت أيها الغراب ظننتك عصفور
تزقزق لم اعلم أن نعيقك خراب
طفلة لن تتجاوز الخامسة من عمرها
دعوت عليها بالموت نعيب
اسأل الله أن لا تبات الليلة في بيتك
وأن تبات في أحشاء ثُعبان أو عُقاب
غير أني ذهبت استأنس بالحبيبة
أرعى الخراف أتناسى ذاك المصاب
بين الرُجم نلعب طفلين على الربيع
بنينا في الرُجم من الحجارة بيت قُباب
قضينا سنين الطفولة والصبا من عُمرنا
لا يُفرقُ بيننا إلا الليل للنوم عند الغروب
وبعد بضع سنوات كنت أرعى الخراف
وحدي وقد حط على الرُجم ذاك الغُراب
نعق في وجهي وكأنه أخذ من الصدر
الفؤاد وحلق به من فوق مسجد شُعيب
رأيت وكأن شُهبُ نجمِ من نار هبط من
السماء سقط في القرية فوق الحبيب
هرعت إلى القرية دون وعي ولما
وصلت وجدتها تحزم أشيائها والثياب
للرحيل إلى المدينة مع أهلها وما لبثت
أن غادرت وجدت نفسي كاليتيم غريب
ومُذ ذاك الحين لم يُفارقني سواد
طيف ونعيق ذاك الطائر الغُراب
لقد أبكيت العيون عُمراً يا غُراب
وأبكيتَ الجوارح والفؤاد نِداب
سلبت مني الروح والفؤاد
وتركت لي الندب والعذاب
.
هادي صابر عبيد
السويداء
.
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |