مَلحَمَةُ السَّاعَة السَّادِسَة ... بقلم : الشاعر إحسان الخوري

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مَلحَمَةُ السَّاعَة السَّادِسَة ...
 بقلم : الشاعر إحسان الخوري

لازِلتُ أَجهَلُ اسمَها ...
هِيَ اِمْرَأَةُ السَّادِسَةِ مَسَاءً ..
امرَأةٌ مِنَ العَنبَرِ والنَبيذِ ..
مُبهِرَةٌ بِكامِلِ دَهشَتِها..
بَهَاؤُهَا تَجلَّى كتِسعَةِ نُجومٍ ..
عَيْنَاي َتَسَمَّرتا ..
فِنْجَانُ قَهْوَتِي وَسِيجَارَتِي وَالبَنَفْسَجُ ...
جَمِيعُهَا تَشْهَدُ ..
دُخَانُ سِيجَارَتَي رَاحَ يَعبَقُ بِلَا حِسَابٍ ..
يَمْتَزِجُ بعِطرِِهَا المُمتَليءِ ..
عِطرُهَا ذاكَ من ضَوعِ الأنُوثةِ ...
آهٍ نَسِيتُ نَفْسِي ...
مَنْ هِيَ ..؟؟
هَلْ سَأَعتَادُ عَلَيْهَا كَمَا عَلَى الفِرَاقِ ..؟!
أَنَا أؤمِنُ بِالفِرَاقِ ..
وَأُؤمِنُ بِحُضُورِهِ حَيْثُمَا أَكُونُ ...
طَقْطَقَةُ كُنْدُرَتها ضَرَبَتْ فِي أَشْيَائِي ..
إنَّهَا تَظاهُرَةُ الجَمَالُ المُتَدَفِّقُ ..
هي بألوانِ العِشْقِ ..
جُموعُ الّليلِ تَنسَابُ على شَعرِها ..
خَصرُها حَشْدٌ من النُجومِ المُدلَّلةِ ..
شَفَتَاهَا قَدْ قَبَّلَتْهَا بَتَلَاتُ الوردِ الحَمراءِ ..
وثَمِلَ عَليهِما عَشَرَةٌ من الجَانِّ ..
نَهْدَاهَا يُدَاعِبَانهَا خَلْفَ القَمِيصِ ..
وتُوتُهما الفَطِنِ يَطلُّ ويَتَلَصَّصُ ... 
هو غارِقٌ في مَعارِكِ الخَمرِ ..
وبمُعتَقَداتِهِ المُشتَعِلةِ ..
سَاقَاها تَرتِيلةٌ شَبِقَةٌ تَلمَعُ ..
جَسَدُهَا العَنودُ كَادَ يُمَزِّقُ الرُبُطَ ..
وَنَظْرَاتِي قَطَّعَها تَمَيُّسُ الجَسَدُ ...
جَلَسَتْ ...
سَاقُهَا يَغْفُو عَلَى الآخَرِ ..
وَأَعمِدَةُ الطَّاوِلَةِ بِصَمتٍ تُحَدِّقُ ..
رَفرَفَ فُؤادي ..
فَاِلْتَهَمَتْ الدَّهْشَةُ دِمَاغِيَ بِقُوَّةِ الأَلْفِ ..
أَمْسَكْتُ المَنْفَضَةَ ظَنَنْتُهَا كَأْسِي ..
فَمَلَأَتْ الأَعقَابُ بَاطِنَ القَمِيصِ ..!!
نفَّضْتُ ...
كِدتُ أسوخُ فِي مَقْعَدِي ..
عُدتُ إِلَى كَأْسِي ..
وجَرَعتُه حَتَّى الثُّمَالَةِ ...
طَفَقَ بَعضي يُنادِي بَعضي ..
لَفَّفْتُ هَوَسي ..
وَجَلَستُ إِلَى طَاوِلَتِهَا بِلَا استِئذَانٍ ..
أمسَيتُ في مَدخَلِ الدَهشَةِ ..
لِما أَنَا مُرتَابٌ وَفَزِعٌ ..!!!
هل سَأفتَحُ بِوَّاباتَ المُحالِ ..
هَلْ سَتَشْطُرُ فُؤَادِي إِلَى نِصفَيْنِ ..؟!
وَتُدَحرِجُني بَعضِي فَوقَ بَعضِي ..!
أَمْ سَتُقَبِّلُني حَتَّى خِتَامِ الزَّمَانِ ...
أَتَأَمَّلُ تَفَاصِيلَ شَفَتَيْهَا الصَّغِيرَةَ ..
فَيَنْضَجُ بِدَاخِلِي الغَزْلُ ..
وَتَنبُتُ جَسَارَةُ السُّؤَالَ ..
أَنْتِ ... 
مَنْ دَسَّ هَذِهِ النَّظْرَاتِ القتَّالةِ فِيكِ ..؟!
وَغَطَّسَ جَسَدَكَ بِسَبْعَةِ عُطُورِ الأُنُوثَةِ ..
اِبْتَسَمْتْ ..
تَنْهِيدَةٌ مِنها حَرُونٌ ..
فَكَّتْ أَزْرَارَ صَمْتِهَا المَيَّاسِ .. 
هَمْسَةُ هَمْسَة ..
فَضِعْتُ فِي إِجَابَتِهَا الغامِضَةِ ..
هِيَ كَحُلْمٍ وَلُودٍ عَلَى كَتْفِ الغُيُومِ ..
قَرِيبَةً كَالضَيَاعِ ..
بَعِيدَةٌ كَمَلْمَسِ النُّورِ عِنْدَ الصَّبَاحِ ..
دَافِئَةٌ كَاِحتِرَاقِ الشِّتَاءِ ..
لَكِنَّهَا مُتَوَغِّلَةٌ فِي الشَّجَنِ ..
تُحَاوِلُ الهُبُوبَ ثمَّ تَنَامُ ...
فِي هَذِهِ الدَّقَائِقِ المَسْكُونَةِ ..
وَصَبَايَا الضَّوْءِ تُرَاقِصُ شَفَتَيْهَا ..
تَوَقَّفَتْ الثَّانِيَةُ ثَانِيَتَيْنِ ..
أَصَابِعُهَا مُتَنَاوِبَةٌ تَشُدُّ عَلَى الطَّاوِلَةِ ..
بَرِيقُ عَيْنَاهَا مَمسوسٌ لَا يَهدَأُ ..
لَا ظِلٌّ سَوَى لَهِيبِهَا المُتَصَاعِدِ ..
فِي شَفَتَيْهَا وَشْوشَاتٍ ..
تَرَبَّتْ عَلَى نَبِيذِ التُّوتِ ...
هِيَ رُبَّمَا لَا تَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ تَبْدَأُ ..
لَكِنْ لَا شَيْءَ يَشْفَعُ لَها..
وَلَا حَتَّى الزَّنَابِقِ الحَافِيَةِ ..
هَلْ سَأَرشُو المَسَاءَ لِتَتَكَلَّمَ ..
وفجأة انْفَجَرَتْ بِغُصَّةٍ جَلِيدِيَّةٍ ..
بِحَنْجَرَةِ أَعْمَاقِ البَحرِ ...
أَنَا أَعْشَقُكَ يَا رَجُلُ ...
أَنَا مُورِقَةٌ بِالعِشْقِ ..
تِسْعَةَ لَيَالٍ مُتَّقِدَةٍ ..
خَمْسُ سَاعَاتٍ مَحشُوَّةٍ بِالوَلَهِ ..
وبِكُلِّ أَسْرَارِ الوَجْدِ .. 
يارَجُل ..
كُنْتُ أَكبتُ حَوَاسَّي كَالرِّيحِ المُهَاجِرَةِ ..
كُنْتُ أَصرُخُ أُحِبُّكَ ..
أُتَلَمَّسُ مَجَسَّاتَ الصَّدَى الطَّالِع ..
أُوشِمُ طَيْفَكَ بِأَلْفِ قُبْلَةٍ ..
وَأَتَلَوَّى عَلَى اِحْتِمَالَاتِ المُحَالِ ...
ثم صَمَتْت ...
كَأَنَهَا غَابَتُ فِي جُبِّ الكَوْنِ ...
مَسَكَتُ يَدَهَا ..
رَفَعتُ رَأْسَها ..
لَمَستُ جِيدَها ..
حَبِيبَتِي ...
لَكُمْ عَانَيْتِ وَاِحتَمَلْتِ .. 
دَعِينِي أَرتَوِي مِنْ شُعلةِ نَارِكِ ..
تَعَالَيْ نَضِيعُ فِي عَتَمةِ اللَّيْلِ ..
مَا الفَائِدَةُ أَنْ نَعْرِفَ أينُنا ..!!
وكَيْفَ أُقَاوِمُ إنهِمَاركِ ..؟
وَأَكْشِفُ اللِّحَافَ عَنْ بَدءِ أَحلامُي ..
سأُخَبِّيءُ الوَقتَ في فُؤادي ..
أحضُنُ تَفاصِيلَكِ السَّكرى ..
فَتَصرُخُ رُوحِي ..
 أُحِبُّكِ .....

من ديواني الرابع : نِسَاءٌ من شَمعٍ
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016