ثوب الرماد ... بقلم : الشاعر إحسان الخوري

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ثوب الرماد ...
 بقلم : الشاعر إحسان الخوري
آهْ أَيَّتُهَا الرُّوحُ ..
وَالِدي قد تَعِبَ مِنْ رُوحِهِ ..
هُوَ كَانَ مُثْقَلًا بِعِبْءِ الأَيَّامِ ..
أَيَّامُ الأَسَى وَالفَرَحُ النَّائِمُ ..
لَقَدْ هَزَلَتْ أَدْوَارُ البَقَاءِ ..
وَضَلَّتْ الغُيُومُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ ....
عِنْدَمَا تَصعُدُ رُوحُكَ يَا وَالِدِي ..
سَيُوَلِّي المَطَرُ أَدْبَارَهُ ..
تَنْقَطِعُ أَنْفَاسُ الرِّيَاحِ ..
تَبْدَأُ الأَصْوَاتُ القَادِمَةُ منْ الأَبَدِ ..
تَقْتَرِبُ الجِبَالُ وَتَعْلُو ..
يَنْمُو فِي سُفُوحِهَا الضَّبَابُ ..
وَتَثقُلُ وَطْأَةُ النِّهَايَةَ على قَاعِ الأَرْضِ ....
وَالِدِي أَيُّهَا الرَّجُلُ العَظِيمُ ..
أَنْتَ حِصْني وَصَخْرَتَي وَمُنْقِذِي ..
عِزِّي وَتِرْسِي ..
وَعَلَيْكَ يَتَّكِلُ قَلْبِي ..
أَنْتَ شَجَاعَةُ القَدَر ..
وَالَّذِي يَقِفُ الرُّمحُ فِي قَبْضَتِهِ ...
كُنْتَ تُبْصِرُ وتُحَيِّرُنا حَيْرَةً ..
وَمِنْ نَفْسِكَ تَخرُجُ الحِكْمَةُ وَالجَلَالُ ...
حِكَايَةُ الفِراق بَدَأَتْ ياوالدي ..
هَمَسَاتُ الرِّيَاحِ بَاكِيَةً ..
رُمُوشُي مُرْهَقَةٌ ..
أَشْرَاكُ المَوْتِ حَاقَتْ بِكَ ..
إرْتَعَدْتُ..
اِرْتَجَتْ الأَرْضُ ..
اِرْتَعَشَتْ أُسُسُ الجِبَالِ ..
كوَّمَ المَوتَُ الظَّلَامَ عَلَى عَيْنَيْكَ ..
عَيَّنَاكَ أَطهَرُ مِنْ أَنْ تَنظُرَ الشَّرَّ ..
وَهِيَ لَا تَسْتَطِيع النَّظَرَ إِلَى الجَورِ ...
أَلْبسَكَ المَوتُ ثَوْبَ الرَّمَادِ ..
فغَادَرتَ بِصَمْتٍ ..
تَرَكْتَني أَذُوبُ فِي الفِرَاقِ ..
وَشَفَتَاي تَأكُلُهُما لَوْعَةُ الرَّحِيلِ ...
مَوْتُكَ يَا وَالِدِي عَدِيمُ الشِّفَاءِ ..
إِلَى مَتَى أَخَبِّىءُ حُزني ..
وَحُزْنُي يَتَعَاظَمُ فِي الفؤادِ ...
الأنُ أَنْتَ غَارِقٌ فِي المَوْتِ ..
حَتَّى أَسْنَانُكَ ..
حَتَّى الخَمرَةُ الدَّسِمَةُ الحَمْرَاءُ ..
أُذْنَاكَ لَا تَسْمَعَانِ فِي التُّرَابِ ..
لَقَدْ ذَهَبَ بكَ خَلْفَ الدُّهُورِ ....
مِنْ أَيْنَ أَطْلُبُ لِوَالِدِي مُعَزِّينَ ..
فِرَاقُهُ أَثْخَنَ فِي عُمْقِ ذَاكِرَتِي ..
وَبَعْدَ رَحِيلِه ترَى مَنْ أَكُونُ !!!
مَا المَوْتُ إلَّا مَسْخٌ جَهولٌ ..
هُوَ حَقًّاً يُخيفُ ..
يُرِيدُ تَحْطِيمَ الإِنْسَانِ والجَّانِ ..
لَا يَشْبَعُ ..
يَجْمَعُهم لِنَفْسِهِ ..
يَصْرُخُ مِنْ الحائِطِ ..
فَتَسكُتُ أَمَامَهُ كُلُّ الشُعُوبِ ..
وَتَتَسَاقَطُ كأوراقِ الخَريفِ ...
تُرَ ى مَاذَا يُجْدِيه من صِيتِهِ الفَارِغِ !
وَقَرعِ الطُّبُولِ وَالتَّهْوِيلِ .. !
لِمَا تِلْكَ الحَرْبُ الشَّعْوَاءُ .. ؟
لِمَاذَا السُّرْعَةُ وَلِمَاذَا ذَاكَ الإِبْطَاءُ ..
سَيَكفُّ القَديرُ يَدَكَ ..
ويأتي زَمَنُ القيامَةِ ..
هو ليسَ بَعيداً ..
 ولكنَّه الزَمَنُ العَتيدُ ....
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016