شقاوة ليلة عاصِفَة ... بقلم : الشَّاعر إحسان الخوري

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
شقاوة ليلة عاصِفَة ...
بقلم : الشَّاعر إحسان الخوري

السَّماءُ هٰذهِ الليلةَ بَارِدَةٌ ...
الظَّلامُ لمْ يكُنْ دامِساً ..
القمرُ مُختَبِئٌ بينَ الغُيومِ ..
يُضِيءُ بِترَجْرُجٍ ..
فأدَّثرهُ بِمِعطَفي الأَصوَفِ ..
ونظراتي مَشْدودَةٌ إليهِ ...
المطرُ أخْلفَ وَعدَهُ ..
هوَ لمْ يُؤمِنْ بِريحِ الشِّمالِ ..
ربَّما أتعبَهُ الهَطلُ المُتَكَرّرُ ..
أو شَيءٌ منَ الغُنْجِ ..
أو ربَّما بعض الارتِباك ..
لكنَّهُ لمْ يُكذِّب الخَبَرَ .. 
فقد تَجَهَّمَتِ السَّماءُ ..
مَمنوعٌ الابتسامُ ..
غيومٌ كثيرةٌ وَصَلتْ ..
بدأتْ تمتلِىءُ الفراغاتُ ..
ولا شيءَ بعدُ يتَّسِعُ ...
هيَ اكفهرَّتْ ..
وزَجَّتْ بِمَزيدٍ من التَّوابِعِ ..
فأتَتْ ريحٌ علىٰ عَجَلٍ ..
تَحمِلُ في جُعبَتِها الاضطرابَ ..
هيَ تبدو حانِقةً ..
فلمْ يبق أحدٌ في السَّماءِ ..
لكنَّ الرُّعودَ لا تعرفُِ الانِهزامَ .. 
فَضَحِكَتْ بأفواهِ الجانِ المُفزِعِ ...
وبدأتِ الأسطورةُ ...
ضُرِبَتْ كؤوسَ المَحفَلِ ..
تعالَتْ أصواتُ الجُموحِ ..
دَوزنَتِ الرِّيحُ أوتارَها ..
هيَ تُريدُ أن تُجاهِرَ بالهَوْلِ ..
طفقَتْ تَلطِمُ بِمَكْرٍ ..
تُزَمجِر بِصَريرِ أسنانِها ... 
تَزعقُ ..
تنبُشُ البلاءَ ..
والتهمَت بِشراسةٍ كَبِدَ السَّماءِ ...
صَرختْ ابنةُ الليلِ ..
مزِّقَتْ أرديَتَها ..
واستَطَارتَ كلُّ الأشياءِ ...
فاعتَصَرَتِ السَّماءُ أحشَائَها ..
شَرِبَتْ الحَنقَ علىٰ مَهْلٍ ..
وهَطَلتْ بِمِلءِ تَوَجُّعِها ..
فارَتْ الخَوابي ..
غَرِقتْ النَّوافِذُ ...
فَفَطِنَ الغَيمُ ..
تَفَقَّدَ شجرةَ الصَّفصَافِ ..
جَسَّ أنفاسَها المُنهَكةَ ...
عَسَىٰ أن تكونَ على قَيْدِ الحياةِ ...
ثُمَّ وفجأةً ...
خَلعَتِ الرِّيحُ اهتياجَها الفائِت ..
إنفلَتَ الصَّمتُ ..
بدأَ التَّرحَالُ ..
فَأبَانَ القَمَرُ وجْهَهُ ..
ولاذَ الجَانُّ المُفزِع بالفَرارِ ....
التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات الجريدة يحيى خضر روائع الشعراءضع ابداعك هنايحيى خضر زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع
التعليقات
0 التعليقات

احدث المواضيع

3efrit blogger 

عدد زوارالجريدة

اضغط اعجبني

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في كل الوقت

احدث المواضيع

المواضيع الأكثر قراءة و مشاهدة في أخر 30 يومًا

ارشيف الجريدة

جميع الحقوق محفوظة © يحيى خضر
تصميم و تطوير : يحيى خضر
يحيى خضر © 2016